الأهلي والمصري البورسعيدي، ناديان لهما باع طويل في الكرة المصرية، بفضل الشعبية الجارفة التي يتمتع الفريقان بها، ظلت المنافسة بينهما داخل وخارج الملعب منذ بداية الأربعينات وحتى العقد الأول من الألفية الجديدة، إلى أن تحول الأمر إلى قتال داخل الملعب، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بين جماهير المارد الأحمر وجماهير القلعة الخضراء، وذلك خلال مجزرة بورسعيد في الأول من فبراير عام 2012 ، و التي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى في أكبر الكوارث التي شهدتها الكرة المصرية على مر التاريخ.
ومنذ ذلك الحين، انقطعت العلاقات بين إدارة النادي الأهلي والمصري البورسعيدي وتحديداً في ملف الصفقات، حيث يعد المدافع سعد سمير آخر لاعب انتقل من المارد الأحمر إلى فريق المصري، وانضم على سبيل الإعارة في أغسطس 2011 ، قبل المجزرة بستة أشهر فقط.
وظل الفريقان طوال السنوات الماضية يلتقيا في مختلف المسابقات المحلية المصرية خارج ملاعب القاهرة وبورسعيد لدواعي أمنية.
الحاجز النفسي في الصفقات
وخرج تامر النحاس وكيل اللاعبين بتصريحات إذاعية منذ فترة مفادها أنه هناك حاجز نفسي في الصفقات بين إدارة الأهلي والمصري البورسعيدي، وذلك على خلفية ما حدث في المجزرة الشهيرة، بينما يرى سمير حلبية رئيس النادي المصري البورسعيدي السابق أن الأهلي لم يطلب التعاقد مع أي لاعب من الفريق البورسعيدي منذ حدوث الكارثة، والنادي المصري طلب التعاقد مع أكثر من لاعب خلال السنوات الماضية، لكن كل مرة يقابل مجلس إدارة القلعة الحمراء العرض المقدم بالرفض التام فوراً، دون إبداء أية أسباب.
وتلك التصريحات تبين فيما معناه أن إدارة الأهلي لا تنوي التعامل أو إبرام أي تعاقدات من المصري، احتراماً لمشاعر جماهير المارد الأحمر التي ترى أن دم الشهداء الذين راحوا ضحية الغدر سببا رئيسيا لعدم التعامل مع الفريق البورسعيدي وقطع العلاقات مع إدارة القلعة الخضراء.
عداء منذ قديم الزمان
مخطئ من يظن أن مجزرة بورسعيد السبب في الشحن الزائد بين جماهير المصري البورسعيدي والأهلي، لكنها تعد امتداداً للعديد من التجاوزات والخروج عن النص، فالعداء بدأ منذ قديم الزمان في فترة منتصف العشرينات عندما تمكن المارد الأحمر في الفوز على فريق المصري في نهائي كأس مصر بخماسية نظيفة، ليحرم أبناء بورسعيد من تحقيق أول بطولة في تاريخهم.
واستمرت المنافسة بين الفريقين، إلى أن التقيا في نهائي كأس مصر مرة أخرى في منتصف الأربعينات وفاز الأهلي حينها بثلاثة أهداف مقابل هدفين، وبعدها تمكن المارد الأحمر من ضم لاعبين من المصري البورسعيدي، هم: محمد توفيق أبو حباجة، وحلمي أبو المعاطي، الأمر الذي أثار غضب جماهير القلعة الخضراء تجاه جمهور الأهلي.
وفي منتصف الخمسينيات، تمكن الأهلي من ضم السيد الضظوي من النادى المصري، معشوق الجماهير البورسعيدية وأحد أساطير النادي آنذاك، وفي فترة الثمانينات نجح الأهلي في تحقيق كأس مصر ثلاث مرات على حساب المصري البورسعيدي، مما جعل الصراع يزداد حدة بين جماهير الناديين.
وبعيداً عن الهزائم وانتقالات اللاعبين، شهدت سنوات الثمانينات، العديد من التجاوزات خلال مباريات الأهلي والمصري البورسعيدي، وهو الأمر الذي جعل مجلس إدارة القلعة الحمراء يهدد بعدم اللعب في بورسعيد، خوفاً على سلامة اللاعبين بسبب الأزمات التي ولدت من بطن العداء من قبل جماهير الفريق البورسعيدي.
كل هذه الشواهد سالفة الذكر، كانت كافية لغرز الخصومة الشديدة والشحن الزائد في نفوس جماهير بورسعيد ضد الأهلي وجماهيره، وخلاصة القول إن جمهور المارد الأحمر لم يكن أبدأ السبب في بدء أي نزاع جماهيري مع الفريق البورسعيدي، بل أن كل الأحداث المؤسفة والتجاوزات أتت عن دوافع كره جمهور المصري البورسعيدي للأهلي وكل من ينتمي إليه.
وهنا نجد سؤالاً يطرح نفسه بقوة، متى ينتهي العداء التاريخي بين جماهير المصري البورسعيدي والأهلي ؟
وبدون أدنى شك، التعصب الرياضي يعد السبب الرئيسي وراء كل تلك المشاحنات ، وقد يتسبب في خسائر الأرواح نتيجة الكراهية، كرة القدم خلقت للجماهير، التي تعد العنصر الأساسي للعبة الشعبية الأولى، وبذلك بداية الإصلاح يجب أن تكون عن طريق المشجعين، من خلال التوعية بأهمية التحلي بالروح الرياضية والمنافسة الشريفة داخل الملعب وليس خارجه.