روسيا والعمالة الأجنبية المسلمة.. علاقة متوترة

الأحد، 08 أكتوبر 2023 06:15 ص

||روسيا والعمالة الأجنبية المسلمة.. علاقة متوترة

||روسيا والعمالة الأجنبية المسلمة.. علاقة متوترة

روسيا هي دولة عظمى تضم أكثر من 140 مليون نسمة، وتتمتع بنفوذ سياسي واقتصادي وعسكري في العالم. لكن روسيا تواجه أيضا مشاكل داخلية وخارجية تهدد استقرارها وأمنها. من بين هذه المشاكل، تبرز مشكلة العمالة الأجنبية المسلمة، التي تشكل نحو 10 ملايين شخص من إجمالي عدد العمالة في روسيا. هؤلاء العمال يأتون في معظمهم من دول آسيا الوسطى، مثل أوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان، وهي دول ذات غالبية مسلمة. في هذا المقال، سنحاول تسليط الضوء على أبعاد هذه المشكلة، وأسبابها وآثارها وحلولها.

روسيا والعمالة الأجنبية المسلمة.. علاقة متوترة

[caption id="attachment_50238" align="alignnone" width="300"]روسيا والعمالة الأجنبية المسلمة.. علاقة متوترة روسيا والعمالة الأجنبية المسلمة.. علاقة متوترة[/caption]

أبعاد المشكلة

تعتبر العمالة الأجنبية المسلمة في روسيا مشكلة معقدة، تتداخل فيها عوامل سياسية واقتصادية وثقافية ودينية. من جهة، تحتاج روسيا إلى هذه العمالة لسد الفجوة الديمغرافية التي تعاني منها بسبب انخفاض معدلات المواليد والزواج وارتفاع معدلات الوفيات والهجرة. كما تحتاج روسيا إلى هذه العمالة لتطوير قطاعات اقتصادية حيوية، مثل البناء والزراعة والخدمات. من جهة أخرى، تثير هذه العمالة قلقًا ورفضًا لدى جزء كبير من المجتمع الروسي، الذي يرى فيها تهديدًا للنظام العام والثقافة الروسية والأمن القومي. ‏ ‏ كما تشكل هذه العمالة بؤرًا للتطرف والإرهاب، خصوصًا بعد ظهور بعض التقارير التي تشير إلى انضمام بعضهم إلى تنظيمات جهادية في سوريا والعراق.

أسباب المشكلة

ترجع أسباب مشكلة العمالة الأجنبية المسلمة في روسيا إلى عدة عوامل، منها: عامل التاريخ: فروسيا كانت قد غزت دول آسيا الوسطى في القرن التاسع عشر، وضمتها إلى إمبراطورية روسيا، ثم إلى اتحاد الجمهوريات الروسية (الاتحاد السوفياتي) في القرن العشرين. وخلال هذه الفترات، حاولت روسيا فرض سطوتها على شعوب آسيا الوسطى، وترويسها وتروسيتها، وقمع تطلعاتها الوطنية والدينية. وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991، استقلت دول آسيا الوسطى عن روسيا، وشهدت عودة للهوية الإسلامية والتقارب مع دول أخرى، مثل تركيا والصين والولايات المتحدة. وهذا أثار حساسية روسيا، التي ترى في ذلك خسارة لنفوذها في المنطقة، ومصدرًا للتوترات الحدودية والأمنية. عامل الجغرافيا: فروسيا تحدها من الجنوب دول آسيا الوسطى، التي تشكل ممرًا هامًا للنفط والغاز والتجارة بين آسيا وأوروبا. كما تحدها من الجنوب الغربي دول قوقازية، مثل أذربيجان وأرمينيا وجورجيا، التي تشهد صراعات مجمدة بينها أو مع روسيا. وهذه الدول تشكل منطقة حساسة لروسيا، التي تحاول حماية مصالحها فيها، ومنع تدخل أطراف خارجية فيها. كما تشكل هذه الدول مصدرًا للعمالة الأجنبية المسلمة في روسيا، خصوصًا بعد اندلاع الحروب في بعضها. عامل الديمغرافيا: فروسيا تعاني من أزمة ديمغرافية خطيرة، نتيجة انخفاض معدلات المواليد والزواج، وارتفاع معدلات الوفيات والهجرة. وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان روسيا قد ينخفض من 142 مليون نسمة في عام 2020 إلى 107 ملايين نسمة في عام 2050. وهذه الأزمة تؤثر على قدرة روسيا على تحقيق التنمية الاقتصادية والحفاظ على قوتها العسكرية. لذلك، تحتاج روسيا إلى استقطاب العمالة الأجنبية لسد الفجوة الديمغرافية، خصوصًا من الدول القريبة جغرافياً وثقافياً منها، مثل دول آسيا الوسطى والقوقاز. عامل الاقتصاد: فروسيا تمتلك اقتصادًا قويًا، يعتمد بشكل كبير على صادرات النفط والغاز والمعادن. لكن هذا الاقتصاد يواجه تحديات كبيرة، نتيجة التقلبات في أسعار السلع الأولية، والعقوبات الغربية، والمنافسة الدولية. لذلك، تحتاج روسيا إلى تنويع مصادر دخلها، وتطوير قطاعات اقتصادية أخرى، مثل الصناعة والزراعة والخدمات. وهذه القطاعات تحتاج إلى يد عاملة مؤهلة ومتخصصة، وهذا ما توفره العمالة الأجنبية المسلمة، التي تقبل بالعمل بأجور منخفضة وظروف صعبة.

آثار المشكلة

تؤثر مشكلة العمالة الأجنبية المسلمة في روسيا على مستويات مختلفة، منها: آثار اجتماعية: فهذه المشكلة تزيد من حدة التوترات والصراعات بين المجتمع الروسي والمجتمعات المهاجرة. فالروس يشعرون بالغضب والحسد من الأجانب، الذين يأخذون فرص عملهم ويغيرون هويتهم وثقافتهم. كما يشعرون بالخوف من التطرف والإرهاب، الذي قد يستغل هذه المجتمعات لنشر أفكاره وأعماله. والأجانب يشعرون بالظلم والتمييز والإهانة من قبل الروس، الذين يحقرونهم ويضطهدونهم. كما يشعرون بالغربة والانفصال عن أوطانهم ودينهم. وهذه المشاعر تؤدي إلى حالات من العنف والجريمة والانحراف. آثار سياسية: فهذه المشكلة تؤثر على استقرار روسيا داخليًا وخارجيًا. فداخليًا، تزيد من قوة المعارضة والحركات الانفصالية، التي تستغل هذه المشكلة لإثارة الشارع ضد الحكومة. كما تزيد من خطر التفجيرات والاغتيالات والخطف، التي قد تستهدف شخصيات رسمية أو مؤسسات حكومية. خارجيًا، تزيد من التوتر مع دول آسيا الوسطى والقوقاز، التي تحمل روسيا مسؤولية سوء معاملة مواطنيها. كما تزيد من التنافس مع القوى الكبرى، التي تحاول الاستفادة من هذه المشكلة لتقويض نفوذ روسيا في المنطقة.

حلول المشكلة

تتطلب مشكلة العمالة الأجنبية المسلمة في روسيا حلولًا شاملة ومتوازنة، تراعي مصالح كل الأطراف المعنية. من بين هذه الحلول، نذكر: حلول قانونية: وهي تتمثل في وضع قوانين وأنظمة تنظم عملية استقدام وتوظيف وتجديد وإبعاد العمالة الأجنبية، بما يضمن حقوقها وواجباتها، ويحمي أمنها وسلامتها، ويحفظ كرامتها وثقافتها. كما تتمثل في تطبيق هذه القوانين بصرامة وشفافية، ومحاسبة كل من يخالفها أو يستغلها. حلول اقتصادية: وهي تتمثل في تحسين الظروف المعيشية والعملية للعمالة الأجنبية، بما يضمن لها راتبًا عادلاً وسكنًا كريمًا وخدمات صحية وتعليمية. كما تتمثل في تشجيع الاستثمارات المشتركة بين روسيا ودول آسيا الوسطى والقوقاز، بما يخلق فرص عمل جديدة ويزيد من التبادل التجاري والتعاون الإقليمي. حلول ثقافية: وهي تتمثل في تعزيز التواصل والحوار بين المجتمع الروسي والمجتمعات المهاجرة، بما يزيل الجهل والتحامل والأحكام المسبقة. كما تتمثل في دعم التبادل الثقافي والإنساني بين روسيا ودول آسيا الوسطى والقوقاز، بما يعرف كل منها بالآخر، ويحترم هويته ودينه.

مواقيت الصلاة

  • الفجر

    05:15 AM

  • الشروق

    06:42 AM

  • الظهر

    12:48 PM

  • العصر

    04:17 PM

  • المغرب

    06:53 PM

  • العشاء

    08:11 PM

الجمعة، 20 سبتمبر 2024
search