سيباستيان هالر: من محاربة السرطان إلى تحقيق الحلم الإفريقي

البداية في فرنسا

ولد سيباستيان هالر في 22 يونيو 1994 في ريس أورونجيس، فرنسا، وبدأ مسيرته الكروية في أندية صغيرة قبل أن ينضم إلى أوكسير في عام 2007، وفي عام 2010، تألق مع فريق الشباب وسجل 29 هدفاً في 57 مباراة، مما جعله يحصل على فرصته مع الفريق الأول. وفي عام 2012، شارك مع منتخب فرنسا تحت 19 عاماً في بطولة أوروبا، وساهم في فوز فرنسا باللقب بعد تسجيله ثلاثة أهداف في البطولة.

الانتقال إلى هولندا وألمانيا

في يناير 2015، انتقل هالر إلى أوترخت الهولندي على سبيل الإعارة، وأبهر الجميع بتسجيله 11 هدفاً في 17 مباراة، وفي صيف 2015، تم تحويل الإعارة إلى عقد دائم، وواصل هالر تألقه مع أوترخت، حيث سجل 30 هدفاً في 65 مباراة، وحصل على جائزة أفضل لاعب في الدوري الهولندي في موسم 2016-2017.

في يوليو 2017، انتقل هالر إلى آينتراخت فرانكفورت الألماني، وأصبح أحد أبرز المهاجمين في البوندسليجا، حيث سجل 24 هدفاً في 60 مباراة، وساعد فريقه في الوصول إلى نهائي كأس ألمانيا في موسم 2017-2018، ونصف نهائي الدوري الأوروبي في موسم 2018-2019.

الصدمة في إنجلترا والعودة بقوة في هولندا

في يوليو 2019، انتقل هالر إلى وست هام يونايتد الإنجليزي، مقابل 45 مليون جنيه إسترليني، وهو رقم قياسي للنادي اللندني، ولكن هالر لم يتمكن من تكرار نجاحاته السابقة في الدوري الإنجليزي، حيث سجل 10 أهداف فقط في 48 مباراة، وتعرض لانتقادات حادة من الجماهير والإعلام.

في يناير 2021، قرر هالر العودة إلى هولندا، وانضم إلى أياكس أمستردام، مقابل 22.5 مليون يورو، وهنا، عاد هالر إلى مستواه المعهود، وسجل 32 هدفاً في 50 مباراة، وقاد أياكس إلى الفوز بالثنائية المحلية، والتأهل إلى ربع نهائي الدوري الأوروبي.

الاختيار بين فرنسا وكوت ديفوار

بالرغم من تألقه مع الأندية، إلا أن هالر لم يحظ بالفرصة للعب مع منتخب فرنسا الأول، رغم مشاركته مع جميع المنتخبات الشبابية، وتسجيله 13 هدفاً في 20 مباراة مع منتخب فرنسا تحت 21 عاماً، ولذلك، قرر هالر تغيير جنسيته الرياضية، واللعب لمنتخب كوت ديفوار، بلد أصل والده.

وفي نوفمبر 2020، شارك هالر لأول مرة مع منتخب الأفيال، في تصفيات كأس الأمم الإفريقية، وسجل هدفه الأول في مباراة ضد مدغشقر، وفي يناير 2021، تم تضمينه في قائمة كوت ديفوار للمشاركة في بطولة كأس الأمم الإفريقية، التي استضافتها بلاده.

الصراع مع السرطان والعودة الباهرة

في فبراير 2021، تلقى هالر خبراً صادماً، بعد أن تم تشخيصه بسرطان الخصية، وهو نوع من السرطان الذي يصيب الخلايا الجنسية الذكري، وبدأ هالر علاجه الكيميائي، وخضع لعملية جراحية لاستئصال الخصية المصابة، وخلال هذه الفترة، تلقى هالر دعماً كبيراً من عائلته وأصدقائه وزملائه وجماهيره، الذين أرسلوا له رسائل تشجيع وتضامن.

وبعد معاناة دامت 19 شهراً، تمكن هالر من التغلب على المرض، والعودة إلى الملاعب في سبتمبر 2022، وسط ترحيب حار من الجميع، وفي أكتوبر 2022، شارك هالر مع منتخب كوت ديفوار في تصفيات كأس العالم 2022، وسجل هدفين في مباراتين ضد مالاوي وغانا، وساعد بلاده في حجز مقعدها في الدور الثالث والأخير من التصفيات الأفريقية.

اللحظة المجيدة في نهائي كأس أمم أفريقيا

في يوم 12 فبراير 2024، كان سيباستيان هالر بطلاً لقارة أفريقيا، بعد أن سجل هدف الفوز لمنتخب كوت ديفوار في نهائي كأس الأمم الإفريقية أمام نيجيريا، ولكن هذا النجاح لم يأت من فراغ، بل كان نتيجة لمعركة شرسة مع مرض خطير، وقصة ملهمة من الإصرار والتحدي.

في الدقيقة 81 من المباراة، تلقى هالر تمريرة رائعة من زميله فرانك كيسي، واستغل خروج حارس نيجيريا من مرماه، وسدد رأسية قوية من داخل منطقة الجزاء، سكنت مرمي الحارس، محرزاً هدف التقدم والتتويج لكوت ديفوار، وانفجر هالر بالفرحة، وركض نحو الجماهير الحاضرة في استاد، واحتفل مع زملائه والجهاز الفني والرئيس الإفواري.

وبعد صافرة النهاية، تسلم هالر كأس البطولة من يد رئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، ورفعها عالياً في الهواء، وسط تصفيق وهتاف الجماهير الإفوارية الغفيرة، التي احتشدت في الملعب لمؤازرة منتخبها.

وفي المؤتمر الصحفي بعد المباراة، قال هالر: "أنا سعيد جداً بهذا الإنجاز، وأشكر الله على كل شيء، هذه البطولة كانت حلماً بالنسبة لي، وأنا فخور بأن أكون جزءاً من هذا الفريق الرائع. أهدي هذا اللقب لعائلتي وأصدقائي وجميع الناس الذين ساندوني في أوقات الصعوبة".

وأضاف: "أنا أيضاً أهدي هذا اللقب لجميع المرضى الذين يعانون من السرطان، وأقول لهم: لا تفقدوا الأمل، واستمروا في القتال، وتذكروا أن الله معكم، أنا مثال حي على أن المستحيل لا يوجد، وأن الحياة تستحق العيش".

وختم هالر حديثه بالقول: "أنا سعيد بأن أكون إفوارياً، وأن أمثل هذا البلد العظيم، وأن أجعل شعبه سعيداً، كوت ديفوار هي بلدي الثاني، وأنا أحبها كما أحب فرنسا. أتمنى أن أستمر في تقديم الأفضل لها، وأن أساهم في تطور كرة القدم الإفريقية".